هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات احباب الله
منتدى اسلامي عام
أهلا بك زائرنا الكريم ، شرفتنا بالزيارة ، ونود أن تستمتع بكل ما يحويه المنتدى من أقسام ومواضيع ، ويسرنا جدا أن تكون عضوا في منتدى احباب الله لتفيد وتستفيد - الآراء المنشورة في المنتدى تعبر عن وجهة نظر كاتبيها ولا تمثل وجهة نظر المنتدى الرسمية - التمسك بالأخلاق الإسلامية والهدي النبوي الشريف يعكس صورة رائعة للعضو في هذا المنتدى ونعلم أن الجميع هنا بحول الله من هؤلاء النخبة ..الادارة العامة -
موضوع: داعية مكة و راهبها الخميس أبريل 08, 2010 9:43 am
داعية مكة و راهبها
عبيد بن عمير (ت74)
الدعوة إلى الله تعالى ليست كلمة تقال ، و لا شعاراً يُطلق ، و لا أمنية تهفو لها النفس ... بل هي كل ذلك ؛ مع عبودية تهيمن على الفكر و القلب و النفس و السلوك و الكلمة و الموقف . و مشكلتنا الأكبر : صدأٌ هيمن على القلوب فغطّاها ، و ستر رونق التوحيد الذي بداخلها ، فجعل كلماتنا مجرد جمل باهتة لا تكاد تحرك ساكناً في قلوب غيرنا ، و السبب : أن التنُّور قد برد ؛ فما عاد يقذف أو يمد بأي حرارة ، و قديماً قالوا : " ليست النائحة كالثكلى " . فهل نُعيد الحرارة إلى كلماتنا و دعوتنا ؛ بإيقاد تنور المراقبة لله تعالى في القلوب ؟ هل نعيد التوهُّج و التأثير إلى كلماتنا بعرضها على معدن حب الله و خوف الله و الحياء من الله ؟ هل نعود إلى الربانية المهيمنة على القلوب ؛ لكي تمدنا بما يغير نحو الأفضل و الأرشد و الأنفع ؟ ... أسأل الله تعالى ذلك ، و هذا مشهد يوضح لنا إحدى أخطر العلل التي نعاني منها ... و إحدى أهم الوسائل التي افتقدناها في الدعوة إلى الله تعالى : قال الإمام مجاهد بن جَبْر – رحمه الله - : كنّا نفتخر بفقيهنا وقاضينا ؛ فأما فقيهنا : فابن عباس ، وأما قاضينا : فعُبَيد بن عمير. [ صفة الصفوة 2/207 – تحقيق الفاخوري ] . و من أقوال عُبيد بن عُمَير - رحمه الله - : إنْ أعظَمَكم هذا الليلُ أن تُكابدوه ، وبَخِلتم بالمال أن تُنفقوه ، و جَبُنتُم عن العدو أن تقاتلوه : فأكثروا من ذكر الله عز و جل . [ انتهى . نفسه ] . و قد ذكر الحافظ أبو الفَرَج ابن الجوزي – رحمه الله - وغيره : أن امرأةً جميلة كانت بمكة ، وكان لها زوج ، فنظرت يوماً إلى وجهها في المرآة ؛ فقالت لزوجها : أَتَرى أحداً يَرَى هذا الوجه ولا يُفتَتَنُ به ؟ قال : نعم . قالت : مَن ؟ قال : عُبَيد بن عُمَير . قالت : فائْذَنْ لي فيه ؛ فلَأَفْتِنَنَّه !! قال : قد أَذِنت لك . فأتته كالمستفتية ، فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام ، فأَسفَرَتْ عن وجهٍ مثلِ فَلْقَةِ القمر . فقال لها : يا أَمَةَ الله ؛ استَتِري ؟؟ فقالت : إنِّي قد فُتِنتُ بك !! . قال : إني سائلُكِ عن شيءٍ ؛ فإن أنت صدقتِني في الجواب نظرتُ في أمرك ؟ قالت : لا تسألني عن شيء إلا صدقتك . قال : أخبريني ؛ لو أن مَلَك الموت أتاكِ ليقبِضَ روحَكِ : أكان يُسَرُّكِ أن أقضي لكِ هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقتِ . ثم قال لها : فلو دخلتِ قبركِ ، وأُجلِستِ للمساءلة : أَكَان يَسُرُّكِ أني قضيتُها لك ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقتِ . قال : فلو أن الناسَ أُعطُوا كُتُبَهم ولا تَدرينَ : أَتَأخُذينَ كتابَكِ بيمينكِ أم بشِمالكِ : أكان يَسُرُّك أَني قضيتُها لك ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقتِ . ثم قال : فلو أردتِ الممرَّ على الصراط ؛ ولا تدرين : هل تنجينَ أو لا تنجينَ : أكان يَسُرُّكِ أنّي قضيتُها لكِ ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقتِ. ثم قال : فلو جِيءَ بالميزان ، وجِيءَ بكِ ؛ فلا تدرينَ : أيخفُّ ميزانُك أم يَثقُل : أكان يَسُرَّكِ أني قضيتُها لكِ ؟ قالت : اللهم لا . ثم قال : فلو وقفتِ بين يدي الله للمساءلة : أكان يَسُرَّكِ أني قضيتُها لكِ ؟ قالت : اللهم لا . قال : صدقتِ . ثم قال لها : اتَّقي اللهَ ؛ فقد أنعمَ اللهُ عليكِ ؛ وأحسنَ إليكِ . فرجعت إلى زوجها ، فقال لها : ما صنعتِ ؟ قالت : أنتَ بَطَّال ، ونحنُ بطَّالون !!! فأقبلتْ على الصلاة والصوم والعبادة ، فكان زوجُها يقول : ما لي و لعُبَيد بن عُمير ؟ أفسدَ عليَّ امرأتي ؛ كانت في كلِّ ليلةٍ عروساً ؛ فصيَّرها راهبةً .ا.هـ.انظر : المنتظم لابن الجوزي ( 2 / 277 – وفيات سنة 77 هـ ) ، و نقلها عنه ابن القيم في روضة المحبين ( ص340 ) – طبعة دار الكتب العلمية . لن أعلق على هذه المأثرة الرائعة في الدعوة إلى الله تعالى ؛ و إرشاد الشاردين ... إلا بأن أقول نفسي : بأن كل ما نحتاجه لنجاح دعوتنا : أن نتذكر : لمن ندعوا ؟ و كيف ندعوا ؟ و ماذا نريد من دعوتنا ؟ ... و مفتاح كل ذلك : أن لا تنسى أنك عبد ؛ تدعو الخلق إلى ربهم ... إلى مولاك ... لا إلى نفسك أو رأيك أو هواكَ ... و عندها ستصل دعوتنا إلى القلوب ؛ فتنفضها ؛ و تجعلها تنقلب على نفسها ... فاللهم روحاً من عندك ... و ثباتاً من عندك .... و توفيقا من عندك ... و إخلاصاً يقودنا في كل ذلك .